كيف تصبح طبيبا ناجحا ؟
بمعني آخر: كيف تكون طبيبا قادرا على تخفيف آلام مرضاك؟
يقول كاتب كبير ان الطبيب قد ينجح لأسباب غير طبية، كأن يكون اجتماعيا،أو لطيفا، أو ظريفا، مع مرضاه، فالمرض: جسم + نفس + علاقات اجتماعية !
الكاتب استشهد في ذلك بسياسة (بقراط) الحكيم، الذي كان من عادته أن يزور مرضاه، وسط أولادهم، وأقاربهم، ليعرفهم أكثر، وأوضح، فكثير من المتاعب سببها الظروف الاجتماعية للأب، والابن، والزوجة، ولذلك كان بقراط الحكيم يبدأ العلاج بلقاء المرضى في بيوتهم، وهو ما لا يستطيعه أي طبيب آخر اليوم، الذي بالكاد يمنح مرضاه بضع دقائق من وقته الثمين لا تكفي حتى لسماع شكواهم!
لذلك كان جلوس بقراط مع المريض، وسؤاله عن حاله، قرارا مهما في التشخيص ،أملا في العلاج، ونظريته هذه اقرب إلى العقلية الشرقية،لان القاعدة التي يستند عليها تقول: قل لي من أنت؟ ومن هو أبوك وأخوك وزوجتك؟ أعرف كيف أعالجك!!
واليوم العقلية الغربية اهتدت إلى طريق آخر للعلاج قد يتقارب بشكل أو بآخر مع نظرية بقراط، ألا وهو (العلاج الإيحائي)، أو (الوهمي)، وهو غير ضار نسبيا، ويعتبرونه هناك ممارسة أخلاقية، فمن بين 679 طبيبا ممارسا عاما ومتخصصا في علاج آلام المفاصل الذين يعالجون مرضى التهاب المفاصل قال نصفهم تقريبا إنهم يصفون العلاج الإيحائي على الأقل مرتين إلى ثلاث مرات شهريا، وأوضح معظمهم أنهم لا يبلغون مرضاهم صراحة أنهم يعطونهم علاجا إيحائيا!
الباحثون قالوا إن الفكرة هي أن هذا العلاج ربما يكون له اثر إيحائي، وهو تحسن حقيقي في الصحة، بدافع التوقعات النفسية للاستفادة، وليس الأثر الفسيولوجي للعلاج، في حالات ربما يكون فيها العلاج العادي غير ضروري!
العلاج الإيحائي في هذه المجتمعات جائز أخلاقيا، رغم أنه يتناقض مع المعايير التي جددتها الجمعية الطبية الأمريكية التي تؤكد أنه من غير الأخلاق استخدام علاج إيحائي من دون إبلاغ المرضى بذلك بشكل واضح!
في الواقع لا يهم مرضانا اليوم - وهم كثر- أسلوب العلاج.. سواء كان إيحائيا أخلاقيا.. أو بقراطيا.. فالمحك في النهاية هو القدرة الطبية على الشفاء ..أو تخفيف الآلام!
وما نأمله من أطبائنا الأفاضل.. هو الاقتباس - ولو بعض الشيء - من نظرية (بقراط) الحكيم.. ومن أخلاق (الغرب) العلاجية.. حتى ولو كانت إيحائية!!